الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
الحسد
20110 مشاهدة
علاج الحسد بالعلم

يمكن أن يلخص علاجه في أمرين: العلم والعمل:
أما العلم: ففيه مقامان: إجمال، وهو أن يعلم أن الكل بقضاء الله وقدره ، وأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وأن رزق الله لا يجره حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره.
وتفصيل: وهو العلم بأن الحسد قذى في عين الإيمان، حيث كره حكم الله وقسمته في عباده، فهو غش للإخوان، وعذاب أليم، وحزن مقيم، ومورث للوسواس، ومكدر للحواس، ولا ضرر على المحسود في دنياه، لأن النعمة لا تزول عنه بحسدك، ولا في دينه، بل ينتفع به، لأنه مظلوم من جهتك، فيثيبه الله على ذلك، وقد ينتفع في دنياه أيضا من جهة أنك عدوه، ولا يزال يزيد غمومك وأحزانك، إلى أن يفضي بك إلى الدنف والتلف، قال الشاعر:
اصبر على مضض الحسود فإن صبــرك قاتـله
النار تأكل نفسهـــــا إن لـم تجـد ما تأكله
وقد يستدل بحسد الحاسد على كونه مخصوصًا من الله تعالى بمزيد الفضائل، قال الشاعر:
لا مات أعداؤك بل خلـدوا حتى يروا منك الذي يكمد
لا زلت محسودًا على نعمة فإنما الكامل من يحســد
والحاسد مذموم بين الخلائق ، ملعون عند الخالق، مشكور عند إبليس وأصدقائه، مدحور عند الخالق وأوليائه، فهل هو إلا كمن رمى حجرًا إلى عدو ليصيب به مقتله، فرجع حجره إليه فقلع حدقته اليمنى، فغضب فرماه ثانيًا فرجع ففقأ عينه الأخرى، فازداد غيظه فرماه ثالثًا فرجع إلى نفسه فشدخ رأسه، وعدوه سالم، وأعداؤه حواليه يفرحون ويضحكون: وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (طه ، :127) .